خرفات عن التحرش الجنسى Sexual harassment in Egypt

harassment myths 1
يُعدّ التحرّش الجنسي من أخطر المشاكل الاجتماعية وعلى نطاق واسع في مصر. كما أنّه يؤثر على جميع أجزاء وأفراد المجتمع المصري، وغالبًا بشكل يومي. ومع ذلك، يتم التبرير له في كثير من الأحيان  عن طريق تداول الخرافات والمعلومات الخاطئة. هذه الخرافات خلقت حلقة مفرغة في قضية التحرّش، فهي تُستخدم للتبرير للمتحرشين وإلقاء اللوم على المعتدى عليهم، ومن هنا يعزّز هذا التبرير للمتحرش و لوم المعتدى عليه/ا فكرة أن التحرّش الجنسي مقبول في المجتمع، ويمكن التسامح معه، بل أنه أيضًا فعلٌ رجولي و”ظريف” أو أنه خطأ من تم التحرّش به/ا. نتيجة لذلك، فإن كثيرًا من الناس الذين يشهدون على وقائع التحرّش يختارون عدم اتخاذ أي ردة فعل أو التدخل. ومع عدم وجود عواقب مجتمعية، فإن المتحرّشين لا يزدادون  إلا جرأة على ارتكاب جرائم التحرّش الجنسي مرة تلو الأخرى.
ولكن ليس من الضروري أن تسير الأمور بهذه الطريقة، فمن الممكن بسهولة إثبات خطأ هذه الخرافات عن التحرّش خاصة وأنها لا تستطيع الصمود أمام الحقائق والأرقام.
نستعرض لكم هنا بعض الخرافات أو الأكاذيب الأكثر شيوعًا عن التحرّش الجنسي في مصر:
“التحرّش الجنسي ليس منتشرًا على نطاق واسع فهو لا يحدث إلا للنساء الأجنبيات”
للأسف وبكل بساطة فإن هذه الفرضيّة ليست حقيقية بالمرة. إن التحرّش الجنسي يحدث على نطاق واسع جدًا في المجتمع المصري ويطول تأثيره الجميع، المصريين والأجانب. في دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة، أجابت ما نسبته 99.3% من النساء المصريات اللواتي تم استجوابهن بأنهن تعرّضن للتحرّش الجنسي في حياتهم اليومية. ووفقًا لدراسة أعدها المركز المصري لحقوق المرأة (ECWR) عام 2008 وشملت 2000 رجل وامرأة مصرية، أقرت 83% من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع بتعرّضهن لشكل من أشكال التحرش الجنسي، كما تعرضت ما نسبته 46% من هؤلاء النساء للتحرّش الجنسي بشكل يومي. وبشكل مشابه، فقد تمكّنت خريطة التحرّش على مدى السنوات الماضية من جمع آلاف القصص والبلاغات عن حوادث التحرّش الجنسي الذي تتعرض لها النساء المصريات.
الأمر المهم هنا هو أنّ بلاغات الأشخاص الذين يتعرّضون للتحرّش الجنسي ليست هي السبيل الوحيد لإثبات أن التحرّش الجنسي هو مشكلة خطيرة في مصر- بل إن 62.4% من الرجال الذين شملهم مسح أجراه المركز المصري لحقوق المرأة اعترفوا أنهم ارتكبوا التحرّش من قبل.
يمكن أيضا أن يكون الرجال هم من يتم التحرّش بهم والاعتداء عليهم، فما نسبته 2.5% من البلاغات التي تلقتها خريطة التحرّش كانت من الرجال الذين تعرضوا لمضايقات من قبل النساء أو الرجال.
“التحرّش الجنسي لا يحدث إلا في الأماكن المظلمة والمهجورة”
مرة أخرى تشير الأدلة إلى ما هو عكس ذلك تمامًا، فالتحرش الجنسي يحدث في جميع أنحاء مصر في جميع الأوقات من اليوم.
وفقًا لدراسة أجريت عام 2008، يحدث 69% من حوادث التحرّش في الشوارع، و49.1% في وسائل النقل العام و42.4% في الحدائق والمقاهي، و29% في المؤسسات التعليمية و19.8% على الشواطئ و6.2% في أماكن العمل. كما أن 63% من البلاغات المقدمة لخريطة التحرّش تشير أيضًا إلى أن التحرش يحدث في المدارس والأماكن الخاصة مثل المنازل.
“التحرّش الجنسي تتعرض له غير المحجبات أو من ترتدي ملابس غير محتشمة، أما المرأة المحترمة فلا تتعرض للتحرّش”
حدث التحرّش الجنسي للنساء والفتيات من جميع الفئات والأعمار داخل المجتمع المصري: المحجبة وغير المحجبة، صغيرات السن وكبيرات السن، متزوجة وغير متزوجة، مصرية وغير مصرية. في الحقيقة، إن القضية لا تتمثل في الملابس أو السلوك لدى النساء والفتيات. ويجري مضايقة النساء بطرق لا تعد ولا تحصى. وفقًا لنفس الدراسة في عام 2008 ، كانت 72% من النساء اللاتي تعرضن للتحرّش يرتدين الحجاب أو النقاب. وقد كانت هذه النسبة في ذلك العام (2008) تساوي تقريبًا نفس النسبة المئوية لمجموع النساء اللاتي يرتدين الحجاب والنقاب في المجتمع المصري، ما يشير إلى أن متوسط النساء المصريات يتعرضن للتحرّش الجنسي بغض النظر عن الملابس أو المظهر.
إن اللوم لا يجب أن يقغ على ملابس شخص ما أو طريقة المشي أو أسلوب الكلام أو التصرفات، فهي ليست المسؤولة عن التحرّش، و إنما أفعال المتحرّش وقراراته هى المسؤولة.
“هي اللي عاوزة كده – النساء يحببن لفت الانتباه والاهتمام”
إنه ليس من حق أحد، لا المتحرّش ولا المجتمع، أن يقرر ما إذا كان شخص ما يحب “الاهتمام” أم لا. نعم هناك بعض الأشخاص الذين يشعرون بالاهتمام في المعاكسات (التحرش اللفظى)، ولكن دون أن تسأل الشخص أولًا، فليس هناك طريقة لمعرفة أكيدة إذا ما كانت أو كان يحب الاهتمام به بهذه الطريقة أم لا!
هل حاولتم في أي مرة إيجاد عذر للص بالقول أن الضحية أراد أو أحب أن تُسرق أشياؤه؟ التحرّش الجنسي هو أيضًا شكل من أشكال العنف والبلطجة، وهو جريمة. ولا يقع اللوم أبدًا على ضحية العنف أو الجريمة بأنه المسؤول عن ذلك، وإنما الملام الحقيقي هو مرتكب الجريمة. ومع ذلك، فإن هذه الخرافة شائعة جدًا وغالبًا ما يُلقى باللوم على من يتعرّضون للتحرّش بدلًا من مرتكبيه.
“الأمر غير مؤذٍ، مجرد معاكسات لفظية ومزاح”
إن التحرش الجنسي ليس لعبة وإنما هو فعلٌ يتسبب فى إرهاب وإهانة من يتعرّض له، ويترك آثارًا خطيرة على نفسية المعتدى عليهم وعلى ثقتهم بأنفسهم. كما يؤثر التحرّش على القرارات في الحياة اليومية للأشخاص، مما يجعلهم يكرهون الخروج للشارع ويؤثر على جميع أفراد العائلة.
التحرّش الجنسي ليس ملاطفة ولا هو مزحة غير مؤذية. فالملاطفة يفترض بها أن تُشعر الشخص بالسعادة، وهي تحدث بين شخصين بشكل متبادل وليس عندما يقوم شخص واحد بإلقاء التعليقات الجنسية على الطرف الآخر دون وجه حق.
أما التحرّش فهو لا يجعل أي شخص يشعر بالسعادة. بل يمكن أن يؤثر بشكل خطير على صحة الشخص الجسدية والعاطفية، وأن يتسبب في أضرار صحية مثل: الصداع والأرق والكوابيس، وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالتوتر. وغالبًا ما يشعر الشخص الذي تعرّض للتحرّش بمزيج من الغضب والخوف والألم والحرج والخزي والاضطراب والعجز وعدم القدرة على العمل والاكتئاب.
وتتسع الآثار الخطيرة للتحرّش الجنسي لتشمل المجتمع، فهو يتسبب فى شعور الناس بالخوف من بعضهم البعض، ويبعد النساء عن المجال العام، كما  يدمّر القيم المصرية الأصيلة المتمثلة في الاحترام والكرامة.
“إذا تجاهلتِ التحرّش فسيتوقف”
لقد أصبح التحرّش الجنسي حدثًا يوميًا في جميع أنحاء مصر. وقد تم تجاهله والسكوت عنه لزمن طويل مما تسبّب ليس فقط في زيادته ولكن في تحوّله أيضًا إلى ظاهرة مقبولة في المجتمع. كما يبدو أن العديد من قيمنا التقليدية مثل الاحترام والتكاتف المجتمعي ورعاية الآخر قد تآكلت. إلا أن هذا للأسف لم يكن هو الحال في السابق، حيث كانت ردود فعل المارة والأشخاص المتواجدين عند وقوع التحرّش قوية وصارمة، وكان يتم التعامل مع المتحرّش مثل اللصوص، حيث كان يتم فضح المتحرّشين علنًا ومعاقبتهم بالضرب أو حلق رؤوسهم.
أما فى هذه الأيام ، فإن المارة يميلون عادة إلى عدم التدخل عندما يرون أى حادث تحرّش جنسي يقع أمامهم. ويفضّل معظم الناس عادة – بما فيهم الشرطة – تجاهل الحادثة. وتشير أرقامنا إلى أن 75% من الأشخاص الذين يتقدمون ببلاغات عن التحرّش لخريطة التحرّش ذكروا أنهم لم يتلقوا أي مساعدة من الناس الذين شهدوا الحادث. وأظهرت دراسة منظمة الأمم المتحدة للمرأة للعام 2013 أنه في 85% من حالات التحرّش الجنسي، لم يتدخّل أي من المارة والأشخاص في الشارع لتقديم المساعدة. كما أظهرت الدراسة التي أجراها المركز المصرى لحقوق المرأة أن 61.4% من شهود حوادث التحرّش من الذكور يفضلون تجاهلها، بينما حاول 0.1%  من الشهود التدخل للمساعدة.
إن الصمت يعطي انطباعًا بأن التحرّش الجنسي مقبول، أو أنه مصدر خزي لمن تعرّض له. كما يشجع الصمت المتحرّشين على تكرار أفعالهم لأنهم لا يواجهون أي عواقب نتيجة لها، ويقدم نموذجًا سلبيًا خطيرًا للأجيال القادمة. ولكن علينا أن نتذكر بانه لا يمكن للتحرّش الجنسي أن يكون مقبولًا بأي حالا، وعلى كلّ منا أن يأخذ قرارًا فرديًا ليصبح نموذجًا إيجابيًا يحتذي به الآخرون وليتحرّك ضد التحرّش الجنسي بالقول والفعل.
“الرجال الفقراء وغير المتعلمين فقط هم الذين يتحرّشون بالنساء”
بالنظر إلى حقيقة أن معظم النساء في مصر يتعرضن للتحرّش الجنسي بشكل متكرر، فإن هذا لا يعني إلا أن الكثير من الرجال في مصر يقومون بالتحرّش بالفتيات والنساء. بحسب الدراسة التي أجراها المركز المصري لحقوق المرأة، فإن ما نسبته 62.4% من الرجال المشمولين بالدراسة قد أقرّوا بأنهم قاموا بالتحرّش. وعلى الرغم من أن البلاغات التي تصل إلى خريطة التحرّش لا تشير دائمًا إلى جنس الشخص المتحرّش (إذا كان رجلًا أم امرأة)، إلا أنه تم تحديد ما لا يقل عن 45% من المتحرشين بأنهم رجال. وقد تم إرسال 2.5% من هذه البلاغات من قبل رجال قالوا بأنهم تعرضوا للتحرّش من قبل رجال أو نساء.
من هنا، فإن التحرّش الجنسي لا يقتصر على نوع معين أو مجموعة معينة من الناس. المتحرّشون يأتون من  جميع الأعمار وجميع شرائح المجتمع المصري. وقد وثقنا من خلال البلاغات التي وصلتنا بأن التحرّشات تحدث من المدراء ومشرفو العمل، والمعلمون وأساتذة الجامعات، وضباط الشرطة والعساكر، ورجال الأمن في البنوك والفنادق، وعمّال البناء، وسائقو التاكسيات أو الأتوبيسات في الشوارع، وأصحاب السيارات الفاخرة، والأطباء، والباعة ، وموظفو المطاعم، والباعة الجائلون، والأطفال.
“لا يمكن للرجال ضبط أنفسهم: فالأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيق زواج الشباب والتعاليم الدينية التي تحرّم العلاقات الجنسية ما قبل الزواج تجبر هؤلاء الرجال على أن يصبحوا متحرّشين”
إن التحرّش لا علاقة له بالجنس والرغبة الجنسية، إنما هو شكل من أشكال العنف وهو مرتبط بالسلطة والهيمنة، والإحباط، والبلطجة.
فوفقًا للبلاغات التي وصلت لخريطة التحرّش في العام 2012، كانت ما نسبته 39% من المتحرشين من الأطفال. كما أن الرجال المتزوجين، والرجال أصحاب الدخول العالية يقومون هم أيضًا بالتحرّش.
إن الحجة القائلة بأن الرجال غير قادرين على السيطرة على أجسامهم وعقولهم ليست صحيحة بالمرة، بالإضافة إلى أنها فرضيّة مهينة للرجال أيضًا. نحن جميعًا قادرون على السيطرة على أفعالنا. ومن هنا فإن المتحرّشون يختارون بأن يقوموا بالتحرّش، وهم أيضًا بوسعهم أن يختاروا عدم التحرّش، تمامًا كما سيختارون تجنّب ارتكاب أي جريمة أخرى.
أما الأديان، فلا يتسامح أيّ منها مع التحرّش الجنسي.
“قد يكون التحرّش مزعجًا، لكنه ليس جريمة!”
إن التحرّش جريمة بالفعل وهي مثبتة في التشريعات المصرية. وفي الحقيقة، هناك ثلاثة قوانين في مصر تجرّم التحرّش الجنسي، وتجعل بالإمكان توجيه الاتهام للمتحرّش والحكم عليه بتهمته. وبالرغم من أن هذه القوانين وطريقة تنفيذها على الأرض بعيدة كل البعد عن الكمال، إلا أنها موجودة بشكلها الحالي، ويمكن استخدامها لإدانة مرتكبي جرائم التحرّش الجنسي.
في عام 2008 اتُهم رجل بارتكاب جريمة التحّرش الجنسي، وحكم عليه بـ3 سنوات سجن وغرامة قدرها 5000 جنيه. وحكم على متحرّش آخر فى نوفمبر 2012، بسنتين سجن وغرامة 2000 جنيه.
كما أن هناك أيضًا عددٌ متزايد من المنظمات والمبادرات التي تعمل على القضاء على التحرّش الجنسي في مصر – والمزيد من الناس بدأوا يقولون بصوت عال لا للتحرش الجنسي.
“التحرّش الجنسي هو فقط اللّمس أو الاغتصاب”

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting